يتدحرج التصعيد العسكري في الجنوب اللبناني يوما بعد آخر، ارتباطا بمعركة "طوفان الأقصى"، في غزّة والعدوان الإسرائيلي، حيث يتوقع مراقبون أن تشهد الجبهة الجنوبية المزيد من السخونة مع ارتفاع عمليات "حزب الله" بمختلف مسمياتها على قاعدة "إشغال دون إشعال" أقلها في الوقت الراهن.
وسخونة الجبهة الجنوبية لا تعود فقط إلى العمليات العسكريّة التي تنفذها "المقاومة الإسلامية"–حزب الله، منذ اليوم الثاني لبدء معركة "طوفان الأقصى" في 8 تشرين الأول 2023، والتي ارتفعت وتيرتها من عملية واحدة وصولا إلى 12 عملية في اليوم الواحد، وإنّما أيضا إلى دخول الفصائل الفلسطينيّة فيها وتحديدا حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، ناهيك على "قوات الفجر"–الجناح العسكري لـ"الجماعة الإسلامية" التي أعلنت عن عمليتي إطلاق صواريخ.
وتؤكد مصادر سياسية لـ"النشرة"، أن تفاصيل هذه المعركة تختلف عن سابقاتها بعدما أرسى الحزب بمختلف مسمياته شعار "وحدة الساحات والجبهات" في المعركة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وقد اختلفت نوع العمليات وفق كل منها بين التسلل خلف الخطوط والاشتباك مع قوات الاسرائيلي مباشرة أو مهاجمة مواقعهم العسكرية على الحدود أو قصف بالصواريخ عن بعد.
ورغم تدحرج العمليات العسكرية وارتفاع وتيرة عددها يوميا واتساع نطاقها الجغرافي وأشكالها، إلا أنها حافظت حتى الآن على ما يعرف بقواعد الاشتباك المعمول بها منذ العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 2006، وسط خشية من أن تتحوّل إلى حرب إقليميّة وساحة صراع مفتوحة على كل الاحتمالات، ارتباطاً بثلاثة تطورات إذا طال أمد العمليات العسكرية، إذا أقدم الاحتلال الإسرائيلي على الاجتياح البري لغزة، أو إذا ارتكب مجازر جديدة ضد الأطفال والشيوخ والنساء.
بالمقابل، فإن دخول الفصائل الفلسطينية على خط الجبهة الجنوبية وتحديدا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" لا يعني فتح الجبهة على مصراعيها، إذ يجري التنسيق مع "حزب الله" بكل التفاصيل وفق غرفة عمليات مشتركة تدير المعركة هنا وتتواصل مع المقاومة في غزة وتواكب التطورات الميدانية.
ويؤكد القيادي في "حركة الجهاد الإسلامي" في لبنان الحاج شكيب العينا لـ"النشرة"، أن بقاء جبهة الجنوب أو اشتعالها مرتبط ارتباطا وثيقا بالتطورات العسكريّة في غزة، وبمدى تصعيد العدوان الإسرائيلي وارتكاب المجازر وصولا إلى القيام بعدوان بري، قائلا "إن هذه التطورات بالتأكيد تستدعي خطوات أكثر تصعيدا من محور المقاومة ومنها جبهة الجنوب".
وأكد العينا، أنه منذ اللحظة الأولى لبدء عملية "طوفان الأقصى"، انخرطت "المقاومة الإسلامية" وبعض القوى الفلسطينية في المعركة إنطلاقا من الجنوب، ولكن بشكل مدروس جدا وبوتيرة تصاعدية تدريجية بهدف إشغال العدو واستنزافه وتشتيت جهوده من التركيز على غزّة فقط وقد حقّقت الهدف، وإسرائيل في حالة ارباك لم يسبق لها مثيلا ونتوقع المزيد من الانهيارات لديها.
وشدد العينا، انه "اذا ما ارتكبت إسرائيل حماقة كبرى، وإذا ما استدعت الحاجة للتدخل أكثر، فإن قوى "المقاومة" في لبنان جاهزة وهي حاضرة أصلا في الميدان وبشكل يومي ووفق تكتيك مدروس لتتعامل مع أي مستجد"، مشيرا إلى "أن المزاج الشعبي يطالب بفتح الجبهة الجنوبية ولكن الوقائع على أرض الميدان تختلف في حساباتها، والمؤامرة كبيرة ولكن المقاومة صامدة وستحقق النصر، إنما النصر صبر ساعة".
في الميدان، قدمت "حماس" أربعة سقطوا من مقاتلي "كتائب القسام"، بينما قدمت "الجهاد" ثلاثة من سرايا القدس في أربع عمليات مختلفة منها ما هو تسلل خلف الخطوط ومنها ما هو قصف بالصواريخ، وتوعدتا بالمزيد، ويؤكد القيادي في حركة "حماس" في لبنان الدكتور أيمن شناعة لـ"النشرة"، "أن عمليات "حماس" من الجنوب هي رسالة مزدوجة فيها تأكيد الدعم لغزة وشعبها ومقاومتها، ومنها إلى "إسرائيل" بأننا لن نقف مكتوفي الأيدي في إطار معركة "طوفان الأقصى" ومعادلة وحدة الساحات والجبهات"، مشيرا الى ان الجبهة الجنوبية اليوم هي مرآة انعكاس لمدى تصعيد العدوان على غزة.